الجمعة، 9 ديسمبر 2016

بعد الرفض الواسع .. هل تمضي الحكومة في إلغاء مجانية التعليم كما فعلت في ملف التقاعد؟

بعد الرفض الواسع .. هل تمضي الحكومة في إلغاء مجانية التعليم كما فعلت في ملف التقاعد؟

- محمد الراجي
الخميس 08 دجنبر 2016

بإعلان رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، عمر عزيمان، في برنامج تلفزيوني على القناة الثانية، أنَّ مُقترح المجلس بشأن إيجاد مواردَ مالية أخرى لتمويل المدرسة العمومية يُعتبر رأيا استشاريا، غيرَ مُلزم للحكومة، وأنَّ هذه الأخيرة هي المسؤولة عن تطبيقه أو التخلي عنه، يكونُ قدْ ألقى كامل مسؤولية إلغاء مجانية التعليم، الذي أثار رفضا شعبيا واسعا، على الحكومة.

ويطرحُ موقف رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين سؤالَ ما إذا كانت الحكومةُ ستْمْضي في تفعيل إلغاء مجانية التعليم، بعد الضوء الأخضر الذي حصلتْ عليه من طرف "مجلس عزيمان"، للبحث عن مواردَ مالية لتمويل المنظومة التربوية، ومن بيْنها تطبيق رسوم تُؤدّيها الطبقات الغنيّة والأسر ذات الدخل المرتفع، كما قالَ الأمين العام للمجلس، عبد اللطيف المودني، في ندوة نظمها مركز هسبريس للدراسات والإعلام في هذا الموضوع.

وعلى الرغم من أنَّ المجلسَ الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي أكّد، في بيان توضيحي عقب ردود الفعل الواسعة التي أعقبتْ مصادقته على مشروع الرأي الذي قدمه رئيس الحكومة، على "الإعفاء الآلي للأسر المُعْوزة" من رسوم التسجيل في التعليم ما بعد الإلزامي (الأوّلي والابتدائي والإعدادي)، ردّ معارضو هذا الرأي بأنّ المدرسة العمومية لا يَلجُها سوى أبناء الطبقات الفقيرة، وهو ما يطرحُ السؤال: هل ستَمْضي الحكومة في تطبيق هذه الرسوم أم ستتخلى عنْها؟

أمينة ماء العينين، النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية، المرتقب أنْ يقودَ الحكومة القادمة، أبْدتْ تحفظها من مسألة إلغاء مجانية التعليم، وقالت لهسبريس: "في تصوري، على الحكومة أن تأخذ بعين الاعتبار تداعيات توصية المجلس الأعلى للتربية والتكوين في النقاش العمومي، وأن تأخذ بعين الاعتبار حساسيةَ وتعقيدَ الأمر، وأن تُبدع في صيغ جديدة لإقرار مبدأ التضامن الوطني في تمويل المنظومة بعيدا عن الرسوم التي ستزيد من معاناة فئة واسعة من الطبقة المتوسطة إذا ما تم الاكتفاء بإعفاء الأسر المعوزة".

وفيمَا لا يُعرفُ الاتجاه الذي ستمضي فيه الحكومة، قالت ماء العينين إنَّ "حلَّ مسألة تمويل المنظومة التربوية هو إحداث صندوق للتضامن الوطني، تساهم فيه الشركات التي تصل أرباحها الى نسبة معينة، وأصحاب الدُّخول المرتفعة التي يمكن تحديدها، أو إيجاد مفهوم دقيق للأسر الميسورة"، لافتة إلى أن "التمييز بين من سيؤدي ومن لا يؤدِّي في البِنْية نفسها سيظل أمرا صعبا ومعقّدا، وسَيُسقطنا في الحيف واللاعدالة، وسيمس مرة أخرى بمبدأ تكافؤ الفرص بين طلاب تعاني أسرهم الأمرين لضمان تعليمهم وما لذلك من تأثير نفسي على مكتسباتهم المعرفية، وبين طلاب معفيين يتقاسمون المقاعد الدراسية نفسها".

ودَعتِ القيادية في حزب العدالة والتنمية "إلى إنضاج صيغ جديدة لتمويل المنظومة التربوية بشكل هادئ وعقلاني، لكن بشكل منصف وعادل يراعي هشاشة الوضع المادي لمعظم الأسر المغربية المعوزة والمتوسطة، التي تساهم أصلا من باب التضامن الوطني بعدم استفادتها من المنحة الجامعية والإيواء والإطعام الجامعي".

وكانَ المجلس الأعلى للتربية والتكوين قدْ حدّدَ الأسس التي ينبغي أن يُبنى عليها عمل الحكومة في إحداث رسوم التسجيل في التعليم ما بعد الإلزامي في أربع نقط، وهي الإعفاء الآلي للأسر المعوزة، وتدقيق معايير وشروط إحداث هذه الرسوم، واعتماد التدرج في الإقرار والتطبيق، بموازاة مع التقدم في تفعيل مقتضيات الإصلاح، ولاسيما ما يهم الارتقاء بجودة التربية والتكوين.

كما حثّ المجلس على إنجاز دراسة حول مَقدرة الأسر على المساهمة، تتوخى تحديد الإعفاءات، وسقف رسوم التسجيل، إعمالا لمبدأ التضامن والتكافؤ، مع تضمين نتائج هذه الدراسة وآليات تنفيذها في نص قانوني.

وردّا على ما صرّحَ به رئيس المجلس، عمر عزيمان، من كون المقترح الذي قدّمه للحكومة لا يحملُ طابعا إلزاميا، قالَت ماء العينين إنَّ المجلس الأعلى للتربية والتكوين هو مؤسسة دستورية مستقلة واستشارية، "لكن واقع الحال يقول إنَّ لها أدوارا محورية في رسم الملامح الاستراتيجية للمنظومة التربوية، خاصة وأنَّ الرؤية الاستراتيجية التي أنجزها المجلس لم تكن استشارية وإنما أصبحت إطارا وطنيا مُلزما بتبنيها من طرف الملك والحكومة، علما أن الرؤية لم تتم مناقشتها لا في مجلس حكومي ولا في البرلمان".

وأضافت المتحدثة: "من هذا المُنطلق لابد للمجلس أن يستحضر الوقع الرمزي لآرائه على العملية التشريعية وعلى السياسات العمومية المتعلقة بالمنظومة، فهو جهاز موسع للاستشارة يجمع كافة الفاعلين، ولابد أن يُراجع سيرورة إصدار آرائه وتوصياته لتستحضر أكثرَ تعدُّدَ وجهات النظر وتوجهات النقاش العمومي بخصوص قضية حساسة ومعقدة وهي التمويل، أما إصدار التوصيات ثم القول بطابعها الاستشاري فأتصور أنه يمس الثقة وأسُس التعاون المفترضة بين مختلف المؤسسات".

وكانَ الأمين العامُّ للمجلس الأعلى للتربية والتكوين، عبد اللطيف المودني، قد أكد، أمس الإثنين، في ندوة نظمها مركز هسبريس للدراسات والإعلام، ما سبقَ أنْ صرّح به رئيس المجلس عمر عزيمان في القناة الثانية، حيث قالَ المودني إنّ المجلس "لا يقرر، هو فقط يقترح توصيات ستخوض مسارا طويلا"، مُشدّدا على أنَّ أعضاء المجلس "لهم غيرة على المغاربة وعلى فقراء البلاد وعلى الوطن، ولا يجب أن نقوم بمزايدات في ما يهم قضية المواطنة".



بعد الرفض الواسع .. هل تمضي الحكومة في إلغاء مجانية التعليم كما فعلت في ملف التقاعد؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق